جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات
ادارة الموارد البشرة في الاسلام
الكاتب : شريف فروانة
الموارد البشرية ليس حادثة على الانسان بل امتدت بامتداد الوجود الانساني ذاته، ولقد برز مفهوم الموارد البشرية حديثاً، في العقود الاخيرة والتي سعت من خلالها الدراسات العلمية والتقارير الدولية والتي ترصد حياة الانسان الى ايجاد مبدأ أفضل للعيش وممارسة الحياة وعلى الرغم من ان فكرة التنمية لم يكن له أي صدى سابقاً ولكن تحدث الاسلام عن ذلك في عهد النبوة قبل ما يقارب اربعة عشر قرناً، - إن التعاريف للموارد البشرية جميعاً تجتمع لتشمل جميع جوانب الحياة الانسانية مع العلم ان الباحثين باختلاف رؤيتهم لتعريف الموارد البشرية تنوعت لتشمل الجوانب الاقتصادية ،ومنهم يرى ان التنمية للموارد البشرية من الناحية الاجتماعية ولكن جميع هذه التعريفات لم تصمد طويلاً،، ولكن يمكننا ان نعرف التنمية الموارد البشرية بأنها "عملية واسعة وشاملة ومستمرة ومتعددة الجوانب لتغيير حياة الانسان وتطويرها الى الافضل.
اذا كان العلم الحديث ركز على مفهوم التنمية البشرية في العقود الاخيرة فإن الاسلام قد سبق في ذلك قبل اربعة عشر قرناً في عهد النبوة واختار الانسان ليحمل الرسالة والامانة وجعله محور الحياة الدنيوية في ذكرها بالقرآن لقوله تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" (الاحزاب آية 72) وقال تعالى " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيراً ممن خلقنا تفضيلا". (سورة الاسراء)
بالرجوع الى تفسير هذه الآية فلقد فضل الله عز وجل الانسان على كثيراً من مخلوقاته أي ان الله خص الانسان بخصائص لم يمنحها لكل مخلوقاته وهذه الآية عندما تحدثت تحدثت عن الموارد البشرية، ولقد اهتم الاسلام بمفهوم العمل حين اتى رجلاً للنبي يسأله فقال " مَا فِي بَيْتِك شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ يُلْبَسُ بَعْضُهُ، وَيُبْسَطُ بَعْضُهُ، وَقَعْبٌ يُشْرَبُ فِيهِ الْمَاءُ، قَالَ: آتِنِي بِهِمَا، فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: " مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟" فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ" ؟ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
وهذا ان دل يدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا ان ندير شؤون حياتنا وواجباتنا ووظائفنا في هذه الدنيا وكيف نختار وظائفنا ومسار حياتنا.
لقد وضع الاسلام اهمية العنصر البشري ولقد قص الاسلام لنا القصص في ذلك حيث ذكر قصة النبي موسى عليه السلام مع ابتي شعيب في سقي الغنم وقول القرآن في هذا الصدد : ( فلما ورد ماء مدين وجد عليه أمّة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان ) "القصص آية 32" وبذلك تم تحديد وكيف اختيار صفات من يقوم بالعمل وأساس اختياره في امرين مهمين وهما القوة والامانة.
من ذلك توظيف الاشخاص واختيار ومهامهم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا وسد الامر لغير اهله فانتظر الساعة".
وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في قضية أبي ذر الغفاري عندما جاء للنبي عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله الا تستعملني فقال: فضرب بيده على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف وانها امانة وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها. وأدى الذي عليه فيها أي اكد الاسلام والنبي صلى الله عليه وسلم على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، واختيار الانسب والأقوم في اختيار الوظائف ومن يتولاها.
ومن الصور التي اهتم بها الاسلام بتطوير العنصر البشري في العمل الا وهو القوة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير" لذلك حين ننظر الى الاسلام فانه اكد واهتم ايضاً بمفهوم الجودة واتقان العمل حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم " ان الله يحب اذا عمل احدكم عملاً أن يتقنه" مؤكداٌ على اهمية الحفاظ على كيفية اداء العمل وان يكون من اهم صفاته هو الاتقان.
مهمة تنمية الموارد البشرية تقوم على إصلاح الفرد بحيث يكون عنصراً فاعلاً عاملاً لخدمة دينه ومجتمعه والبشرية جمعاء، وقد انتشر مفهوم تنمية الموارد البشرية في كل بلدان العالم، وتوحدت رؤية الجميع حول أن غاية ما تسعى له هذه التنمية هو إصلاح الإنسان، إلا أن مفهوم الإصلاح يختلف من مجتمع إلى مجتمع ومن دولة إلى أخرى، وإذا كان المقصود لدى الجميع إصلاح مهاراته ومعارفه وإمكاناته، فإن الإسلام نظر إلى عملية الإصلاح نظرة شاملة إذ يمتد الإصلاح إلى إيمانه وأخلاقه وسلوكه ومعاملاته، ولذلك كانت رسالات الأنبياء جميعا تقوم على الإصلاح انطلاقا من قوله تعالى{ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} "هود 88"
كما حيث النبي صلى الله عليه وسلم على اهمية التخطيط حيث يقول " أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" مسلم.
فهنا اكد النبي عن اهمية التخطيط حيث ذلك من خلال التخطيط لمن يعد، وفاتك فإن التخطيط لمستقبل المجتمعات والشعوب والدول أهم وأكثر حاجة.
اما على مستوى المسؤولية العامة والتي أكد عليها الاسلام فقد اخبر النبي بالحديث الذي يرويه ابن عمر رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
اخيراً اكد الاسلام في قول الله تعالى على العمل حيث قال " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون .
بهذا نجد ان الاسلام اهتم وركز على العنصر البشري وحث على العمل وكيفية اختيار الوظائف وكيفية ادائه بإتقان وامانة كما واهتم بتقييم الاداء واكد على الاهتمام بتطوير العنصر البشري وارتباطه كما وضحنا سابقاً في وضع معايير الجودة والاتقان كأساس وثيق للعمل.
