مصالحة = حكومة + منظمة

مصالحة = حكومة + منظمة
طباعة تكبير الخط تصغير الخط

حماس قبلت التحدي وأدارت الشأن السياسي والمجتمعي والخدمي لسنوات ضمان متواصلة، واستمرت في عطائها الوثاب واخلاصها المتفاني وواجهت أربع حملات عسكرية شرسة، وكانت أول من قصف ما يسمى "عاصمة الكيان "، وأنجزت ملحمة وفاء الأحرار ورعب مدينة الأنفاق ومديات الصواريخ المتزايدة وحالة الصمود والثبات الملحمي، ومن يرى غزة الآمنة اليوم وطرقها المعبدة باضطراد رغم الحصار والزيادة في المدارس والعيادات والملاعب والأعداد من المستفيدين اجتماعياً وبرامج التشغيل وحالة الاحتضان والالتصاق المجتمعي يؤكد نجاح استراتيجية حماس في غزة " يد تبني ويد تقاوم" .

 

وهذا لا ينفي حالة الحصار الشرس والاستعداء اللاأخلاقي والشيطنة الاعلامية وتأثيرات ذلك على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ورغم ذلك واصلت حماس  المشوار إلى منتهاه وقبلت التحدي الذي يشكل رافعة المشروع الحضاري بعد أن  أحسنت حماس إدارة التحدي ودفعت الثمن باهظ من رجالها ومالها في اطار قيادتها لمشروع وطني يمثل مركزية الصراع في العالم. وبذلك المشروع الحضاري أصبح  في قلب المعركة وفي مواجهة صريحة أمام المشروع الصهيوني الاغتصابي. ولذلك تأثير حماس يتجاوز المدى الجغرافي لفلسطين لتشمل خارطة العالم.

 

الاستجابة لمشروع المصالحة بتشكيل حكومة وحدة وطنية يستمزج ألوان الطيف السياسي، ويحتكم إلى معايير موضوعية تخدم الشعب الفلسطيني، وتكون أقرب إلى الصيغة التي تنال احترام المجموع الفلسطيني وتشكيل حكومة يتفق عليها الجميع وخاصة فتح وحماس كحكومة وحدة وطنية يجب أن يبقى على رأس الاهتمامات، على أساس من برنامج حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق مكة.

 

نعم أؤكد على ضرورة الحرص أن يكون العمل الجبهوي الائتلافي عنوان المرحلة القادمة خاصة بين فتح وحماس ويحتاج لكي ينجح ويصبح العمل الجبهوي الإئتلافي ناجعاً إلى فقه جديد وروح جديدة عنوانها "شركاء في الدم شركاء في القرار". وأن تكون الحكومة بجملتها أو معظمها من خارج أعضاء التشريعي لترسيخ مبدأ فصل السلطات وخاصة السلطة التنفيذية عن التشريعية مما سيعزز روح المحاسبة والتي يمثلها التشريعي.

 

تعمل حكومة الوحدة في المرحلة القادمة كأولوية قصوى على تعزيز الجبهة الداخلية عبر إصلاح ما نجم عن الانقسام بتطبيق المصالحة المجتمعية والإعداد للإنتخابات ومحاربة الفساد وإعادة بناء الهياكل وإعداد الخطط التطويرية ومواجهة القضايا اليومية والمشاكل الحياتية التي يواجهها المواطن الفلسطيني كالبطالة والمشكلات الصحية والسكنية والتعليمية.

 

إن التحديات تحتم على الجميع التوجه فوراً إلى بناء منظمة التحرير الفلسطينية ككيان فلسطيني صلب ومرجعية عليا برفدها بعناصر الصدقية والكفاءة من الأعضاء في اللجنة التنفيذية، وبضم القوى الوطنية بما يتناسب مع ثقلها الجماهيري, وبآلية وخطط عمل، مع تحديد شبه حسم لتقليص الفصائل عديمة الوزن السياسي والجماهيري في الشارع عن مواقع الصدارة، مع بقائها في المجلس الوطني. وإعادة صياغة برنامج سياسي وطني جامع تتفق عليه كافة القوى السياسية.

 

وإعادة ملف المفاوضات إلى حقيبة منظمة التحرير الإطار الجامع وهذا سيُخرج حماس من مأزق الاقتراب من الخطر السياسي في العلاقة المباشرة مع إسرائيل وفي ذات الوقت لن يحرمها القدرة على التأثير على مجريات الأمور (من خلال المنظمة).

 

ومن هنا يمكن أن تنطلق منظمة التحرير إلى هدنة طويلة الأجل (يتفق عليها الجميع) ويصبح على حماس كغيرها الالتزام بالهدنة والانضباط في الرد حال حدوث خرق صهيوني والمحافظة على التوازن بين العمل السياسي والمقاومة.

 

مواصلة المشوار ضرورة لأن معركة التحرير الفلسطينية لما تنته بعد، خاصة بعد إعلان نتنياهو الفج أنه لا تتوفر الفرصة لحل الدولتين، ولذا فإن القضية الوطنية ما زالت في إحدى محطاتها وما زالت تتواصل على أكثر من صعيد وأسلوب، ولا مبرّر للتكهّن بأنها سوف تتوقّف قبل إنجاز الهدف الأعلى لأيّ حرب تحرير: الاستقلال الوطني. ودم الشهداء الفلسطينيين اليوميّ هو وحده الدليل على انفتاح المعادلات حتى الحدود القصوى.