طوفان الأقصى ... الموقف اليوم
تاريخ النشر : الجمعة , 20 أكتوبر 2023 - 2:20 مساءً

طوفان الأقصى ... الموقف اليوم
ي : 20 10 2023 س : 0930
أولاً : الموقف :
إنه اليوم الثالث عشر للعدوان على قطاع غزة ، وتعرض المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها "كتائب عز الدين القسام " على العدو ومهاجمة مواقعه ومقرات جيشه في غلاف القطاع ، في اليوم الثالث عشر للمعركة ؛ خرجت فيه الرسائل غير المشفرة من أكثر من مكان ، رسائل عُرف مرسلها ، وعُرف المُرسلة له ، والمضمون الذي تحمله . فقد انضم شرق فلسطين التاريخية إلى جنوبها ؛ فمن اليمن خرجت الصواريخ باتجاه فلسطين حاملة رسائل إلى من يهمه الأمر تقول : أننا جزء من هذا المعركة ، نشارك في مجهودها ، بما نملك وما نملك ؛ وما نملك كثير ، ومن العراق خرجت المسيّرات والصواريخ باتجاه " التنف " وما أدراك ما " التنف " و " عين الأسد " أكبر قاعدة للعدو الأمريكي في الأنبار ، خرجت لتقول (للأصيل) أننا نعرف دورك في هذه المعركة ، ولن ينطلي علينا كذبك ، فأنت ـ الأمريكي ، مالك خيوط هذه المعركة ، وحبل الناس الذي يستمد منه العدو قوته ، وسينالك في قادم الأيام ما ترى ، لا ما تسمع ، وفي سوريا ضُربت قواعد في " حقل العمر " النفطي ، وفُجّرت أنابيب غاز في حقل " كونكو " ، تشارك بصورة ما في ضرب شبعنا واستهداف قدراتنا ، وتدعم المجهود العسكري لعدونا ، أما في الجنوب اللبناني ، فقد بقيت الجبهة مشتعلة ، والصواريخ تطلق على العدو ؛ فمن مضادات الدروع التي صلت بها المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " العدو في " المنارة " ـ س : 1155 ـ ؛ فدمرت وقتلت وجرحت ، إلى رشقات صواريخ " القسام " التي خرجت منه ـ الجنوب ـ بالتجاه مغتصبات الجليل ، إلى " الضفة الغربية " التي تحركت فحملت أهم الرسائل ، وأكثرها بلاغة ، عندما اشتبك المقاومون مع العدو في مخيم " نور شمس " في " طول كرم " من صباح اليوم الثالث عشر للمعركة وحتى مسائه ، فأوقعت في العدو قتلى ، وجبت منه جرحى ، وخرج عويل جنوده وعلى صراخهم ، في أبلغ رسالة أرسلها مشاركٌ في هذا المعركة مضمونها : أن هذا المخيم الذي يصول في العدو ويجول ، وما يملك ـ المخيم ـ من قدرات لا تساوي مثقال نقير مما تخبئه لكم " غزة " وحاواريها وزقاقها ، إن كان هذا المخيم فعل بكم ما فعل ؛ فماذا ينتظركم في القطاع ومدنه ومخيماته ؟ وقد وصلت هذه الرسائل إلى ( الأصيل ) القابع في مجلس الحرب ، كما وصلت إلى ( الوكيل ) المتخندق على غلاف غزة . ومع هذا فقد بقي العدو يقصف ويهجر ، ويهدم ، ويسوي بالأرض بيوتاً وأبراجاً يظن أنها تساعد في إشراف المقاومين على ساحة المعركة ، وتمكنهم من السيطرة على محاور عبور العدو وتحركاته فيها ، حال قرر التقدم البري . وبقي مشهد العدو هو هو ، تردد ، وتهيب ، ولا حسم ، وقصف متنقل ، من شمال القطاع إلى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه ، من " خان يونس " شمالاً و " دير البلح " و " وخان يونس " وسطاً ، إلى " رفح " جنوباً ، كما طال القصف المناطق الشرقية في " التفاح " و " الشجاعية " ووسط " قطاع غزة " حيث الكثافة السكانية العالية ، في " الرمال " و " والزيتون " وغيرها من أحياء " غزة " وضواحيها " . وبقي العدو يصدر البيانات والتصريحات من أنه ما زال يعتبر منطقة غلاف غزة منطقة قتال لم (تُطهر ) بعد ، وأنه يعتقد أن فيها من المقاومين ما لم يصل له إلى الآن ، فيتهيب من الدور المسنود لهؤلاء المقامون في حال قرر التوغل في مناطق القطاع ؛ فهل سيخرجون له من الخلف فيقطعون خطوط إمداده ويضربون أجنحة قواته ؟ أم أنهم سيواجهون تقدم قواته فـ (يكسرون ) رأس حملته ، ويعيقون اندافاعته ؟ كلها وغيرها أسئلة بقيت بلا إجابة ، مما أخر تقدم العدو الذي ظن الجميع أنها ستكون في الساعة التالية لخروج الـ ( الأصيل ) من ساحة المعركة وعودته إلى مقر قيادتها في واشنطن .
أما عن المقاومة التي تمثل قطب الرحى في هذه المعركة ، وصاحبة الأثر الأكبر في مجرياتها السابقة واللاحقة ؛ فقد بقيت تدك مغتصبات غلاف " غزة " وعمق فلسطين المحتلة حتى صباح هذا اليوم ، فمن " مفتاحيم " و " عسقلان " شمالاً حيث صهاريج وقود "كاتسا " ، إلى " تل الربيع " في عمق فلسطين التاريخية ، إلى " رعيم " وموقع إسناد " صوفا " و " خان يونس " التي استهدفت المقاومة دبابة في شرقها ، و" ونتفوت " كلها مواقع بقيت تحت نار المقاومة وصواريخها .
وفي " الضفة الغربية " اشتبك المقاومون مع قوات خاصة توغلت في مخيم " نور شمس " في طول كرم ، توغلاً ظنت أنه من أعمال " الأمن الجاري " والروتين اليومي ، وإذ به يتحول إلى اشتباك يمتد حتى المساء ، اشتبك فيه المقاومون مع عدوهم من مسافات الصفر تقريباً ، وفجروا فيه عبوات قتلت منه رائداً وجرحت عشرة جنود ، وارتقى إلى العلى 16 شهيداً ، هذا عدى عن الجرحى . ولم تزل جموع المؤيدين والمتظاهرين تخرج يومياً في من الضفة مؤيدة ، مساندة ، تبحث عن سبيل للمشاركة في هذه المعركة ، مع كل ما يمارس عليها من تنكيل وتضييق ، ومصادرة حريات ، واعتقال ، حيث بلغ عدد من اعتقلهم العدو من أهلنا في الضفة الغربية قرابة 750 معتقلاً منذ 07 10 يوم بداية معركة " طوفان الأقصى " . أما عن أهلنا في مناطق الثمانية والأربعين ؛ فما زال العدو يحصي عليهم أنفاسهم ، ويقيد حركتهم ، الأمر الذي منعهم من تقديم الدعم المأمول في المجهود العسكري لهذه المعركة .
وقد بقيت جموع المؤيدين في الشرق والغرب ، تخرج مؤيدة لفلسطين وحقها ، والمقاومة وأهلها ، الأمر الذي يمكننا أن نقول معه أن رأيا ً عاماً غربياً بدأ يتشكل رافضاً لإجراءات العدو وعدوانه ، فقد غصت قاعة البرلمان الأوربي بالخطباء والمتحدثين من أعضائه الداعمين لنا ولمقاومتنا ، وحقنا في الدفاع عن نفسنا ، وشاجبة ومستنكرة عدوان العدو على أهلنا وناسنا في " قطاع غزة "
ومن أهم سمات الموقف ذات الدلالة والتي يبنى عليها ، وتترك أثراً على حسابات العدو وحلفائه، والمقاومة وحلفاؤها ، ما يأتي :
بقاء العدو يقصف ويهجر ، ويسوي مبان وأبراج سكنية في طول القطاع وعرضه ، ولكن التركيز هذه المرة قد انصب على المباني المرتفعة ومتعددة الطوابق .
استمرار المقاومة في دك مغتصبات غلاف غزة ومدن الداخل الفلسطيني بوابل من صواريخا وقذائف مدفعيتها .
بقاء المقاومة في شمال فلسطين مشتبكة مع العدو بالنار المباشرة والقوسية حيث ضُرب موقع لمنارة ـ س : 1155 ـ ، وقُصف ـ س : 1711 ـ الجليل الغربي بـ 30 صاروخ .
الساعة 1200 قصف قاعدة " التنف " الأمريكية على مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية بـالمسيرات الانتحارية .
الساعة 1430 قصف " تل الربيع " برشقة صاروخيه ، حيث تكرر القصف أكثر من مرة.
الساعة 1720 قصف حقل صهاريج " كاتسا " في جنوب عسقلان بصلية من الصواريخ .
استهداف دبابة للعدو في شرق خان يونس .
الساعة 2150 اعتراض السفينة الحربية الأمريكية " يو أس أس كارني " ثلاثة صواريخ يمنية متوجهة إلى أهداف في الأرضي الفلسطينية .
الساعة 2150 قصف قاعدة " عين الأسد " الأمريكية في منطقة " الأنبار " بالصواريخ والمسيرات الانتحارية .
الساعة 2310 استهداف خط غاز " كونكو " وهو خط يُستخدم في إمداد قواعد الجيش الأمريكي المنشرة في المنطقة بالطاقة .
الساعة 2320 سماع دوي انفجار في حقل " العمر" النفطي في البادية السورية .
الساعة 2320 قصف " تل الربيع " مجدداً .
الساعة 23 25 قصف هدف في جنوب لبنان بمضاد للدروع .
ثانياً : التحليل والتقدير :
إن أهم ما يمكن أن يُستشف من معطيات ومجريات اليوم الثالث عشر للمعركة ، أن العدو ما زال في حالة من اللا حسم ، والتردد ، والتهيب من القيام بأي إجراء يمكن أن يقدم له صورة نصر ، الأمر ـ صور النصر ـ الذي لا يمكن أن يُتصور بدون عمل بري ـ ولو محدود ـ يقوم به العدو ، وقد ذكرنا سابقاً عدة أسباب ـ عدم الثقة بالقدرات ، عدم التيقن من النتائج والمخرجات ، والخوف مما يخبئه القطاع له من مفاجآت ـ لهذا التردد ؛ نضيف عليها سبباً آخر هو : عدم قدرة القيادة العسكرية على تعريف النصر الذي تريد أن تقدمه للمستوى السياسي ، وكيف ومتى تحققه ، وما لم يتم تعرف النصر وتحديد مؤشرات له ؛ فإن العدو سيبقى في حالة من التردد والتهيب ، فضلاً عن ما تقوم به المقاومة في داخل غزة بعد كل ما انهال عليها وعلى حاضنتها الشعبية من نار ، وما خلفه العدو من دمار ؛ بقيت المقاومة ممسكة بزمام المبادرة ؛ فهي تقصف متى شاءت ، وما شاءت ، وبالنوع والكم الذي تحدده هي ، إن إجراءات المقاومة هذه ، أجبرت وتجبر العدو على التفكير في كل إجراء سيقدم عليه ، وما يمكن أن ينتج عنه من أكلاف ، هو في أمس الحاجة لتجنبها ، أو الحد منها . كما أن دخول فواعل آخرين على المشهد ، يملكون من القدرات ، وجرأت أخذ القرار ما يمكنهم من تغير المشهد بكليته ، فرض على العدو (الأصيل / الأمريكي ) فضلاً عن العدو ( الوكيل / الإسرائيلي ) وسيفرض عليهم معاودة النظر في خططهم وإجراءاتهم المستقبلية ، خاصة إذا ما نظرنا إلى أن التقارب الزمني لتشغيل قدرات قتالية في كل من العراق واليمن وسوريا ، يشي بأن خلف هذه القدرات جهة ـ غرفة عمليات ـ واحدة هي من أصدر أمر التشغيل ، وأن هذا التشغيل لن يكون يتيماً ، وأنه سيتتابع ، وأن هذا التتابع سيحمل في طياته تطوراً في الأداء واستخلاصاً للعبر ، ليترك هذا الفعل أثره على المشهد ، وبصمته على الموقف .
وعليه وأمام هذا الموقف المستجد والمتطور فإننا نعتقد أن الأيام التالية ستحمل في طياتها :
مزيداً من استهداف العدو للمدنيين الآمنين ، وتسوية للمباني العالية والابراج السكنية ، في جهد الهدف منه خفض المناسيب العالية ، وتدمير النقاط الاستراتيجية الحاكمة والتي تمكن المقاومين من الاشراف ولو جزئياً على محاور القتال ومساراته ، الأمر الذي يتطلب التحوط والانتباه من أن تؤدي هذه الاستهدافات إلى الإضرار بأصول المقاومة البشرية والمادية ، وما راكمته من قدرات .
ستبقى المقاومة في " الضفة الغربية " مؤرقة للعدو ، مهددة لوجوده ، فارضة عليه حالة من الاستنفار والانتشار ، تحرمه من المناورة بالقوات ونقلها إلى جبهة الجنوب ، خاصة إذا ما تصاعدت هذه المقاومة ، وتطور فعلها ، وعظم أثرها ، فهي في الوقت التي تجبي من العدو أثماناً ، تراكم لدى المقاومين خبرات هم في أشد الحاجة لها في الأيام القادمة .
كما أننا نعتقد أن الدخول الفاعل لجبهات سوريا والعراق واليمن على المشهد ، سوف يجعل العدو يعيد حسابته ، ويراجع إجراءاته ، خاصة إذا ما تَركت هذه الجبهات آثاراً فعلية على العدوين ، الأمريكي والصهيوني ، كما أن التلويح بأن من سيدخل في معسكر العدو سيعامل معاملته ، سيكبح جماح بعض المتشجعين للمشاركة في المجهود العسكري المعادي ، لذلك لا بد من تنسيق جهود " محور المقاومة " والتفاهم على الخطوات القادمة ، وعدم تجهيل الفاعلين ، كما لم يُجهل العدو حلفاءه والداعمين .
نعتقد أن العدو سوف يبقى في حالة مراوحة وتردد من أي عمل بري ، ما لم يحدد مفهومه للنصر الذي يبحث عنه ، الأمر الذي قد يدفعه إلى خيارات أخرى من قبل خيارات الحصار ـ خيار سرايفو ـ لتحقيق ما يريد من أهداف ، الأمر ـ الحصار ـ يجب العمل على كسر حلقاته قبل أن تبدأ بالتشكل ، وفضح المشاركين فيه ، بغض النظر عمن سيشارك فيه ، أو الجهد الذي يقدمه في إطباق حلقة الحصار على أهلنا في قطاع غزة .
كما أننا نعتقد أن مما يزيد من مراوحة عدونا في مكانه ، نجاعة وفاعلية وأثر إجراءات الفاعلين الجدد في المشهد في كل من سوريا والعراق واليمن ، الأمر الذي نوصي بالتركيز عليه ، وعدم التأخر في تظهيره ، وإثبات فعاليته وآثاره الميدانية والتعبوية .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
20 10 2023