طوفان الأقصى ... الموقف اليوم
تاريخ النشر : السبت , 21 أكتوبر 2023 - 11:52 صباحاً

مطوفان الأقصى ... الموقف اليوم
ي : 21 10 2023 س : 0900
أولاً : الموقف :
لليوم الرابع عشر على حرب " طوفان الأقصى " تثبت غزة أنها عصية على الكسر ، وأنها لن ترفع الراية البيضاء ، رغم ما أصبها وما قد يصبها من ألم ودمار وحصار ، ولليوم الرابع عشر تثبت المقاومة أن لها رب يحمها ، وحاضنة شعبية تغطيها ، لليوم الرابع عشر بقيت المقاومة ترسل من الرسائل ما تقول من خلالها أنها تتحكم في الموقف ، فها هي تطلق سراح أسيرتين في الوقت الذي هي شاءته ، لتقول للعالم أجمع : نحن طلاب حق ، عشاق لحياة كريمة ، ما خرجنا إلّا دفاعاً عن أنفسنا ، وبحثاً عن طريق لنحرر فيها أسرانا ، وندافع فيها عن مسرى نبي أمتنا ، التي ـ الأمة ـ هبت من أقصاها إلى أقصها لنصرتنا . ولليوم الرابع عشر بقي العدو يمارس هوايته في القتل والدمار والحصار ؛ فينقل آلة قتله من مخيم إلى مخيم ، ومن مدينة إلى مدينة ، ومن شارع إلى شارع ؛ من أقصى شمال قطاع غزة إلى أقصى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه ، فدمر الأبراج ، وسحق الشقق السكنة على رؤوس قاطنيها ، وهدد ـ وما زال ـ يهدد المشافي والمراكز الصحية ، ودور العبارة ؛ فلم يسلم جامع منه ولا كنيسية ، لقد أعلن هذا العدو الحرب على البشر والحجر ، ولكنه لم يحقق إلى الآن شيء يمكن أن يقال عنه أنه انتصار ، حتى الأسرى أغفل وزير دفاعه " غالنت " الحديث عنهم عندما حدد مراحل حرب (سيوفه المثلومة) ، في إشارة إلى أن سبيل إطلاق سراحهم إنما هي السياسية والمفاوضات ، فنسف في إغفاله ذكر الأسرى مراحل حربه الثلاثة عن بكرة أبيها ، فمن يُرد أن تكون مرحلة حربه الأولى قتال عسكري للقضاء على المقاومة وكوادرها ، ثم يبدأ في البحث عن جيوب المقاومة ليقضي على من تبقى منها ، لا بد أنه خطط لإطلاق سراح أسراه من يد من ( قضى ) عليهم و ( طهر ) جيوب مقاومتهم ؛ إطلاقهم ـ الأسرى ـ عنوة كما أُخذوا منه ( خاوة ) ، فما أغفل " غالنت " ذكر الأسرى إلّا لأنه يعلم أن لا طاقه له بما قال ، ولا قدرة له على ما عزم عليه . لذلك فإن يوم عدونا الرابع عشر في معركته ، بدأ يكرر نفسه كسابقه من الأيام ، قصف ، وتدمير ، ومحاولة تهجير ، وفقط ، إنه يدور في حلقة مفرغة ، يعرف من أين يبدأ ، ولكنه لا يملك ـ على الأقل حتى كتابة هذا الموقف اليوم ـ جرأة البدء ، أو طاقة تحمل مسؤولية ما سيحمله البر من مفاجآت ، وما تخبئه له الأرض من عبوات و (نسفيات) ، وهو الذي حشد ما لا يقل عن 28 تشكل قتالي ومن مختلف الصنوف ـ مشاة ، دروع ، قوات خاصة ، استخبارات ، ... ـ في غلاف غزة ، مع ما تتطلبه هذه التشكيلات من شؤون إدارية أو خدماتية .
وفي اليوم الرابع عشر كان للمقاومة كلمتها ، فأطلقت الصواريخ ، وقصفت بالمدفعية ، فلم تسلم " سدروت " في أقصى جنوب فلسطين حيث جبهة غزة ، ولم تسلم " مرغليوت " حيث أقصى شمال فلسطين ، فقُصفت ـ س : 1325 ـ وأعيد قصفها والاشتباك مع من فيها ، فضلاً عن " برانيت " التي طالها القصف ـ س : 2000 ـ . ولم يسلم (ولي أمر) هذه الكيان المؤقت من غضب فلسطين ؛ فأرسل له من يؤيدها رسالة وصلت عبر البريد المسير ، لتحط في "عين الأسد " و " الحرير " . وفي اليوم الرابع عشر للحرب على غزة ، أصبح المشهد روتينياً ، يقصف العدو ؛ فنقصف نحن ، يضرب العدو ، فنضرب نحن .
أما يوم الضفة الغربية الرابع عشر ؛ فهو كأيامها قبل الحرب ؛ اقتحامات واعتقالات ، ومطارة مقاومين ، وحجز حرية آخرين ، فقد بقي العدو يمارس أقسى أنواع الضغط على أهلنا وناسنا هناك ، في جهد محموم يسابق معه الزمن علّه يحول دون هذا اللغم ـ الضفة ـ والانفجار في وجهه ، فاقتحم " برقة " في نابلس ، و " الأمعري " في رام الله ، واشتبك مع المقاومين في " شعفاط " ولم تسلم باقي مدننا ومخيماتنا التي خرجت الجماهير فيها عن بكرة أبيها نصرة لغزة وأهلها . وفي مدننا المحتلة في الثمانية والأربعين ، بقي الحال على ما هو عليه ، فلا حراك مؤثر على الموقف في غزة ؛ فالعدو يحكم حصاره على أهلنا هناك ، ومن يرد نصرة غزة ؛ فها هي الباصات مستعدة لنقله إلى هناك ، فإلى متى سيبقى الموقف على ما هو عليه هناك ؟ حيث مركز ثقل العدو البشري والقيادي ، وحيث يمكن القيام بأعمال تربك صانع القرار ، فتخرجه عن حالة الاتزان ، أكثر مما هو عليه الآن .
وفي اليوم الرابع عشر للتأييد الشعبي والحشد الجماهيري المناصر لغزة وأهلها ؛ فالصورة بالأمس كانت تتحدث عن نفسها ؛ فقد هبت جماهير الأمة ، وشرفاء العالم في أربعة جهات الأرض ، صادحة بالصوت ، مؤيدة بالفعل ، لحقنا في المقاومة ، وحقنا في العيش الكريم ، وحق أسرانا في تنسم عبق الحرية ، ففي مصر هتفت الجماهير للمقاومة وقادتها ، وفي الأردن زحفت الجماهير نحو الحدود ؛ فسدت أجهزة الأمن مسيرها وقمعتها ، بل إن زحوفاً بشرية جاءت من العراق ، ميممة وجهها نحو فلسطين ؛ فسد طريقها من هم على الحدود مرابطين ! وفي اليمن وطهران وتركيا ، وماليزيا ، والمغرب ، وتونس ، وسدني الاسترالية حيث حافة الكرة الأرضية ، حتى في أمريكا حيث مركز قرار هذه الحرب ؛ خرجت الجماهير ، في مظاهرات التأييد ، وبدأ بعض الرأي الرسمي فيها ينادي بضرورة مراجعة المواقف المؤيدة والداعمة لهذا العدو .
أما في سياسية اليوم الرابع عشر للعدوان على غزة ؛ فلم يكسر راتبة جعجعته سوى عملية إطلاق سراح الأسيرتين الأمريكيتين ، بوساطة قطرية ، وتسهيلات حمساوية ، علّ هذا الأمر يرسل رسالة إلى من يهمه الأمر ، فيضع سلماً لمن تسلق ( نخلة ) الحرب ، وبقي حائراً كيف ينزل عنها ، وفي السياسية لا حديث إلا عن هدنة إنسانية ، أو ادخال معونات طبية ، أو إخراج إصابات بحاجة إلى مزيد من الرعاية الصحية ، ولكن وكما قيل : نسمع جعجعة ولا نرى طحناً .
وفي السمات ذات الدلالة لليوم الرابع عشرة للعدوان يمكن الإشارة إلى الآتي :
إدامة العدو قصفه لمدن غزة ومخيماتها ـ بيت لاهيا ، بيت حانون ، الشجاعية ، حي الرضوان ، حي الزيتون ، .. ، خاصة التجمعات والأبراج السكنية ، أبراج " العودة " و " الندى " ، وتهديد المشافي والمراكز الصحية .
بقاء المقاومة مشتبكة مع هذا العدو بالنار ؛ في غلاف غزة ـ رعيم ، صوفا ، اسدود ، سديروت ـ وعمق مناطق تجمع العدو وحشده .
الساعة 1325 قصف مواقع العدو في " المنارة " شمال فلسطين بمضادات الدروع ، الأمر الذي تكرر .
الساعة 1530 استهداف المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " نقاط العدو في "رويسات العلم " و " السماقة " في أعلى مرتفعات الجولان .
الساعة 1530 قصف موقع " العاصي " قبالة " ميس الجبل " اللبنانية .
الساعة 1800 استهداف المطلة .
الساعة 2000 استهداف قوة عسكري بالقرب من موقع " برانيت " وقتل وإصابة عدد من الجنود .
الساعة 2100 دخول مسيرة الأجواء الفلسطينية قادمة من لبنان .
الساعة 2130 إطلاق نار واشتباكات قبالة مستعمرة " نتوعاه " و " برانيت " والحديث عن مقتل 3 جنود صهاينة وجرح 4 آخرين .
استهداف قاعدة " الحرير " الأمريكية في أربيل بطائرة مسيرة انتحارية.
ثانياً : التحليل التقدير :
لقد كان بالأمس هو يوم الجنوب اللبناني بامتياز ؛ ففي الوقت الذي كان القطاع يعيش فيه خمس ساعات من هدنة ؛ كانت أصوات النار والاشتباكات والمضادات ، تسمع حتى ساعات متأخرة من الليل الجنوب ، فقد رفعت المقاومة الإسلامية " حزب الله" من وتيرة اشتباكها مع العدو على كامل خط الجبهة ؛ من رأس الناقورة وحتى مرتفعات العرقوب . في رسالة مضمونها أننا ما زلنا على كامل جاهزيتنا ، وأننا سنتصدى لأي اعتداء ، وسنقتص لأي شهيد أو مصاب من جراء نارك ـ العدو ـ أو اعتدائك . وقد بقي العدو متحسباً لأي تطور أو تصعيد يمكن أن يدفع الأمور شمالاً للخروج عن السيطرة . كما بقي العدو على روتين قتاله في جبهة غزة فأصبح قتاله فيها يشبه إلى حد بعيد إجراءات " الأمن الجاري " التي يقوم بها في الضفة ، فهناك ـ الضفة ـ يقتحم ، ويعتقل ، ويجري أعمال البحث عن المقاومين في جهد روتيني يعرفه كل مراقب ، وهنا في جبهة غزة ؛ أصبح النمط القتالي للعدو إلى الآن على ما هو عليه منذ اليوم الأول لحرب " طوفان الأقصى " فهو عبارة عن قصف بالنار وبمختلف الصنوف والمديات والقدرات ، على غزة ، وبناها التحتية ، ومجمعاتها السكنية ، في جهد الهدف منه :
تمهيد الأرض لأي عمل بري قد يقدم عليه العدو .
الضغط على قيادة المقاومة من خلال الضغط على بيئتها وحاضنتها الشعبية .
( تنظيف ) الأرض من أي بنى تحتية وأصول استراتيجية ـ قتالية أو إدارية ـ للمقاومة .
استطلاع بالنار لكشف انتشار واستعداد وخطط عمل المقاومة .
وبناء على ما تقدم فإننا نعتقد أن المشهد في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي :
بقاء العدو على ( روتينه ) القتالي ، من قصف واستهداف للبنى التحتية ـ المدنية والعسكرية ـ في قطاع غزة .
بقاء المقاومة في جبهة غزة مشتبكة مع العدو بالنار ، على كافة محاور القتال ، في العمق ، وفي الحافة الأمامية لجبهة العدو القتالية .
بقاء جبهة شمال فلسطين نشطة ، محكومة بمعادلة الفعل ورد الفعل ، فالقصف بالقصف والقتل بالقتل .
تحين الفرص الميدانية من قبل فصائل المقاومة في سوريا والعراق لرفع وتيرة اشتباكها مع قواعد العدو الأمريكي في هذه الجغرافيات ، مع محاولة تحقيق نجاح في " تحقيق التماس " مع العدو الإسرائيلي بالنار عبر المسيرات الانتحارية .
استمرار مظاهرات التأييد والدعم للمقاومة في الخروج في المدن والعواصم العربية والإسلامية والغربية .
لا نعتقد أن خرقاً حقيقاً سوف يسجل على المستوى السياسي ، لعدم تحقيق العدو لأي إنجاز معتبر يمكّنه من تقديم صور نصر لمجتمعه .
لذلك فإن التقييم الكلي للموقف في الـ 24 ساعة الماضية هو : أن المشهد بدأ يأخذ شيء من الرتابة والروتينية ، وعليه فإن التقدير الكلي للـ 24 ساعة القادمة ينحى إلى القول بأنها ستكون على رتابة وروتينية ما سبقها من أيام وساعات .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
21 10 2023