جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

الإدارة اللامركزية في الحكم الإسلامي

الإدارة اللامركزية في الحكم الإسلامي
طباعة تكبير الخط تصغير الخط

بسم الله الرحمن الرحيم

الإدارة اللامركزية في الحكم الإسلامي

لقد كان فضل السبق للإسلام منذ ظهوره على يد خير البشرية محمد بن عبد الله r وما شهده عصر الخلفاء الراشدين ومن تبعهم والمتعاقبون في الخلافات الإسلامية في إقرار وتنظيم الهيكلية الإدارية للدولة الإسلامية .

وكان من هذه النظم نظام الإدارة اللامركزية في إدارة شئون ولايات الدولة الإسلامية؛ فمنذ عهد الرسول r عرفت اللامركزية في الإدارة وذلك عندما أراد رسول الله r أن يبعث معاذاً والياً إلى اليمن، (( قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بكتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسنة رسول الله r قال فإن لم تجد في سنة رسول الله  rولا في كتاب الله؟ قال أجتهد رأيي ولا آلو؟ فضرب رسول الله r صدره وقال: الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يُرضي رسول الله)).

وكذلك في عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم فقد شهد عصرهم الكثير من الفتوحات الإسلامية وبذلك اتسعت رقعة الدولة الإسلامية وتنوعت كذلك الحضارات واللغات فكان من الضروري اتباع إتباع النظام اللامركزي في إدارة شئون الولايات التي دخلت تحت سلطان الخلافة الإسلامية لصعوبة اتباع النظام اللامركزي بسبب البعد الجغرافي بين ولايات الدولة الإسلامية ومقر الخلافة الإسلامية؛ وكان ذلك أيضاً في عصور الخلافات الإسلامية اللاحقة لعهد الخلافة الإسلامية الراشدة .

وكانت الإدارة اللامركزية والأحكام والقرارات والأوامر الصادرة من المكلفين من الولاة وغيرهم في الولايات الإسلامية في العهد الإسلامي منطوية تحت المنظومة العامة والقواعد الكلية للحكم الإسلامي فلا ولم تخرج عن حدودها وقاعدها التي أرسها الرسول r والخلفاء الراشدون من بعده والخلفاء المتعاقبون على الحكم الإسلامي من بعدهم .

وبذلك  لم تكن الإدارة اللامركزية بعيدة عن رقابة الإدارة المركزية وذلك لكي تضمن قيام الإدارة اللامركزية والقائمين عليها بأداء الخدمات المخولة لهم بشكل يؤدي الغرض الذي أرسل  من أجله وأن يحقق الهدف المرجو والمنشود من مثل هذه المرافق، وكانت تتم هذه الرقابة بواسطة محاسبة الولاة والعمال عند انتهاء عملهم أو خدماتهم أو إرسال من تتقصى الحقائق، والاهتمام بالزيارات الميدانية للتفتيش في الولايات الإسلامية، والاستفادة من موسم الحج، وقد كانت هذه الأساليب في الرقابة مشهورة وبشكل كبير في عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.

ونحن نرى اليوم الدول وهي تعتمد في بعض مؤسساتها وهيئاتها نظام الإدارة اللامركزية، ولكن تكون هذه الإدارة وما يصدر عنها من قرارات وأوامر ضمن الحدود والأسس والقوانين والأنظمة التي وضعتها وانتهجتها الدولة والإدارة المركزية ولا يحق لها أن تتبع أو تبتدع أنظمة أو سياسات أخرى، وتكون هذه الإدارات أيضاً تحت رقابة الإدارة المركزية .

وبهذا تكون الدولة الإسلامية قد حققت وطبقت وأرست مبادئ النظام الإداري اللامركزي في تسيير شئون الدولة منذ فجر الإسلام .