جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

كندا والقضية الفلسطينية

كندا والقضية الفلسطينية
طباعة تكبير الخط تصغير الخط

مقال بعنوان : كندا والقضية الفلسطينية

بقلم الباحث: عماد فتحي اللخاوي

لم تكن كندا رغم بعدها الجغرافي بمنأى عن الأحداث في الشرق الأوسط. فلقد كان للحكومات الكندية مواقف واضحة من الصراع العربي – الصهيوني منذ بدايته. وكانت كندا منذ عام 1933 – أي منذ تولي هتلر الحكم في ألمانيا – هدفاً للنشاط الصهيوني المعادي للحركة النازية. واستطاع الصهيونيون أن يجدوا فيها موطىء قدم في مجالات الاقتصاد والسياسة والمال والإعلام فاستقروا في المدن الصناعية الكبرى وتمكنوا من الوصول إلى مراكز التأثير في اتجاهات السياسة الكندية.

تعاون صهيونيو كندا مع الصهيونيين في فلسطين، ولا سيما في مجال التنسيق الإعلامي والمالي. وقد برز هذا التعاون في ترويج ادعاءات الصهيونية حول “أرض الميعاد” وجمع الأموال لصالح الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين. واتضح التأييد الكندي للمشاريع الصهيونية على أرض فلسطين في عام 1947 عندما أصبحت القضية الفلسطينية موضع اهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن أعلنت بريطانيا رغبتها في انهاء انتدابها على فلسطين. ودعت الجمعية العامة في نيسان 1947 إلى دورة طارئة لبحث الصراع العربي –الصهيوني في فلسطين. وكان لستر بيرسون نائب وزير الدولة الكندية للشؤون الخارجية آنذاك رئيساً للوفد الكندي في دورة الجمعية العامة هذه. واختير بيرسون عضواً في اللجنة التي شكلتها الجمعية العامة لدراسة القضية الفلسطينية وتقديم مقترحات بشأنها. وقد رحبت حكومة الولايات المتحدة بعضوية بيرسون في هذه اللجنة لأنه متعاطف مع “آمال الصهيونية”. وحينما أنشأت الجمعية العامة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين* اختيرت كندا عضواً فيها. وانسجاماً مع الأهداف الصهيونية عينت الحكومة الكندية، بايعاز من لستر بيرسون، القاضي ايفان رائد ممثلاً لها في اللجنة، وهو من أكبر المؤيدين والمتحمسين للفكرة الصهيونية فقد أرسل كتاباً إلى الجالية اليهودية في مدينة وينيبيغ الكندية قال فيه: “بعد 1800 سنة من التحريم عاد الشعب اليهودي إلى وطنه جالباً معه ديانته وفلسفته وفنونه المنبثقة من وحشة الانعزال الاجتماعي”. وقد كرمته هذه الجالية بغرس غابة باسمه في (إسرائيل) ومنحته الجامعة العربية في القدس لقب الدكتوراه الفخرية.

قدمت الأوساط الكندية المختلفة والجماعات الصهيونية هناك مزيداً من الدعم السياسي والاقتصادي لليهود في فلسطين. كما تطوع كثيرون من الكنديين اليهود للقتال في سبيل الصهيونية. وحين أعلن الصهيونيون بلسان زعيمهم بن غوريون قيام (دولة إسرائيل) على أرض فلسطين في أيار 1948 وقف ممثل كندا في الأمم المتحدة لستر بيرسون يعلن تأييد بلاده المطلق للدولة اليهودية. وقد قال فيما قال: “يجب علينا أن نعترف أن هناك الآن دولة يهودية قائمة الكيان، وقد بسطت سلطتها على أراض لا يمكن لأحد زحزحتها عنها. ولهذا يجب أن نوجه اهتمامنا الآن إلى تنظيم علاقات هذا المجتمع مع جيرانه… لست أنكر صعوبة قبول العرب بذلك، ولكن هذا هو الواقع، وعلى العرب القبول به. ولست أعتقد بأن الأمم المتحدة تباعد العرب إذا سمحت للدول العربية في الاستمرار بالتفكير بسحق الدولة اليهودية في الحرب”.

اعترفت كندا (بإسرائيل) واقعياً في 24/12/1948، ثم اعترفت بها رسمياً في 11/5/1949 عند تصويت كندا لصالح طلب (إسرائيل) الانضمام كعضو إلى الأمم المتحدة. ووصل أول قنصل (إسرائيلي) إلى مونتريال في 18/7/1949.

ويقول المؤرخ الصهيوني فيلجر: “واظبت كندا منذ البداية على دعمها لقضية الصهيونية، وقدمت كافة أنواع المساعدة الصهيونية في المجالات الوطنية والدولية”. وهكذا يتضح أن السياسة الخارجية لكندا في الشرق الأوسط كانت منذ بداية الصراع دعما لمؤامرات وأطماع الصهيونية. ومنذ قيام (إسرائيل) على أرض فلسطين والتعاون يزداد بينها وبين كندا. وقد شمل هذا التعاون مجالات  الزراعة والاقتصاد والتصنيع وتبادل الخبرات العسكرية. كما ألحقت (إسرائيل) بسفارتها في العاصمة الكندية ضباط تجسس وخبراء إعلام لتعبئة القوى الصهيونية والقوى الكندية المؤيدة لها لصالح السياسة الإسرائيلية. ووقفت كندا إلى جانب (إسرائيل) في مطالبتها بالتعويض من حكومة ألمانيا الغربية.

وحين تولى بيير  نرودو رئاسة الحكومة في كندا عام 1969 سعى إلى تحسين العلاقات مع العرب ونجح في ذلك، ولكنه احتفظ في الوقت نفسه بعلاقات وطيدة مع اسرائيل ومع تصاعد العمل الفدائي ضد (إسرائيل) في عامي 1968 و1969 بدأت وسائل الإعلام هناك تهتم بالمشكلة الفلسطينية، إلا أن ذلك لم يغير جوهر السياسة الكندية المؤيدة لإسرائيل

حيث يتبين أن سياسة كندا في كافة مراحل الصراع العربي – الصهيوني كانت تؤيد وجهة النظر الإسرائيلية، وأنها بذلك تلتقي إلى حد كبير مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.

مقال بعنوان : كندا والقضية الفلسطينية

بقلم الباحث: عماد فتحي اللخاوي

لم تكن كندا رغم بعدها الجغرافي بمنأى عن الأحداث في الشرق الأوسط. فلقد كان للحكومات الكندية مواقف واضحة من الصراع العربي – الصهيوني منذ بدايته. وكانت كندا منذ عام 1933 – أي منذ تولي هتلر الحكم في ألمانيا – هدفاً للنشاط الصهيوني المعادي للحركة النازية. واستطاع الصهيونيون أن يجدوا فيها موطىء قدم في مجالات الاقتصاد والسياسة والمال والإعلام فاستقروا في المدن الصناعية الكبرى وتمكنوا من الوصول إلى مراكز التأثير في اتجاهات السياسة الكندية.

تعاون صهيونيو كندا مع الصهيونيين في فلسطين، ولا سيما في مجال التنسيق الإعلامي والمالي. وقد برز هذا التعاون في ترويج ادعاءات الصهيونية حول “أرض الميعاد” وجمع الأموال لصالح الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين. واتضح التأييد الكندي للمشاريع الصهيونية على أرض فلسطين في عام 1947 عندما أصبحت القضية الفلسطينية موضع اهتمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن أعلنت بريطانيا رغبتها في انهاء انتدابها على فلسطين. ودعت الجمعية العامة في نيسان 1947 إلى دورة طارئة لبحث الصراع العربي –الصهيوني في فلسطين. وكان لستر بيرسون نائب وزير الدولة الكندية للشؤون الخارجية آنذاك رئيساً للوفد الكندي في دورة الجمعية العامة هذه. واختير بيرسون عضواً في اللجنة التي شكلتها الجمعية العامة لدراسة القضية الفلسطينية وتقديم مقترحات بشأنها. وقد رحبت حكومة الولايات المتحدة بعضوية بيرسون في هذه اللجنة لأنه متعاطف مع “آمال الصهيونية”. وحينما أنشأت الجمعية العامة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين* اختيرت كندا عضواً فيها. وانسجاماً مع الأهداف الصهيونية عينت الحكومة الكندية، بايعاز من لستر بيرسون، القاضي ايفان رائد ممثلاً لها في اللجنة، وهو من أكبر المؤيدين والمتحمسين للفكرة الصهيونية فقد أرسل كتاباً إلى الجالية اليهودية في مدينة وينيبيغ الكندية قال فيه: “بعد 1800 سنة من التحريم عاد الشعب اليهودي إلى وطنه جالباً معه ديانته وفلسفته وفنونه المنبثقة من وحشة الانعزال الاجتماعي”. وقد كرمته هذه الجالية بغرس غابة باسمه في (إسرائيل) ومنحته الجامعة العربية في القدس لقب الدكتوراه الفخرية.

قدمت الأوساط الكندية المختلفة والجماعات الصهيونية هناك مزيداً من الدعم السياسي والاقتصادي لليهود في فلسطين. كما تطوع كثيرون من الكنديين اليهود للقتال في سبيل الصهيونية. وحين أعلن الصهيونيون بلسان زعيمهم بن غوريون قيام (دولة إسرائيل) على أرض فلسطين في أيار 1948 وقف ممثل كندا في الأمم المتحدة لستر بيرسون يعلن تأييد بلاده المطلق للدولة اليهودية. وقد قال فيما قال: “يجب علينا أن نعترف أن هناك الآن دولة يهودية قائمة الكيان، وقد بسطت سلطتها على أراض لا يمكن لأحد زحزحتها عنها. ولهذا يجب أن نوجه اهتمامنا الآن إلى تنظيم علاقات هذا المجتمع مع جيرانه… لست أنكر صعوبة قبول العرب بذلك، ولكن هذا هو الواقع، وعلى العرب القبول به. ولست أعتقد بأن الأمم المتحدة تباعد العرب إذا سمحت للدول العربية في الاستمرار بالتفكير بسحق الدولة اليهودية في الحرب”.

اعترفت كندا (بإسرائيل) واقعياً في 24/12/1948، ثم اعترفت بها رسمياً في 11/5/1949 عند تصويت كندا لصالح طلب (إسرائيل) الانضمام كعضو إلى الأمم المتحدة. ووصل أول قنصل (إسرائيلي) إلى مونتريال في 18/7/1949.

ويقول المؤرخ الصهيوني فيلجر: “واظبت كندا منذ البداية على دعمها لقضية الصهيونية، وقدمت كافة أنواع المساعدة الصهيونية في المجالات الوطنية والدولية”. وهكذا يتضح أن السياسة الخارجية لكندا في الشرق الأوسط كانت منذ بداية الصراع دعما لمؤامرات وأطماع الصهيونية. ومنذ قيام (إسرائيل) على أرض فلسطين والتعاون يزداد بينها وبين كندا. وقد شمل هذا التعاون مجالات  الزراعة والاقتصاد والتصنيع وتبادل الخبرات العسكرية. كما ألحقت (إسرائيل) بسفارتها في العاصمة الكندية ضباط تجسس وخبراء إعلام لتعبئة القوى الصهيونية والقوى الكندية المؤيدة لها لصالح السياسة الإسرائيلية. ووقفت كندا إلى جانب (إسرائيل) في مطالبتها بالتعويض من حكومة ألمانيا الغربية.

وحين تولى بيير  نرودو رئاسة الحكومة في كندا عام 1969 سعى إلى تحسين العلاقات مع العرب ونجح في ذلك، ولكنه احتفظ في الوقت نفسه بعلاقات وطيدة مع اسرائيل ومع تصاعد العمل الفدائي ضد (إسرائيل) في عامي 1968 و1969 بدأت وسائل الإعلام هناك تهتم بالمشكلة الفلسطينية، إلا أن ذلك لم يغير جوهر السياسة الكندية المؤيدة لإسرائيل

حيث يتبين أن سياسة كندا في كافة مراحل الصراع العربي – الصهيوني كانت تؤيد وجهة النظر الإسرائيلية، وأنها بذلك تلتقي إلى حد كبير مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.