جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات
المجلس التشريعي والرقابة المالية على السلطة
الكاتب : عبد الله أبو مدين
لعل أبرز سمات الانقسام الفلسطيني هي تعطيل عمل المجلس التشريعي الأمر الذي أدى إلى غياب الدور الرقابي المفترض للمجلس التشريعي وخاصة فيما يتعلق بالأداء المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية، فكما هو معروف بأن القانون الأساسي الفلسطيني نص على خضوع السلطة التنفيذية لرقابة المجلس التشريعي وخاصة في المجال المالي وتحديداً فيما يتعلق باعتماد الموازنة العامة السنوية للسلطة الوطنية الفلسطينية ومن ثم الرقابة على أوجه صرفها.
فقد نص القانون رقم 7 لسنة 1998 بشأن تنظيم الموازنة العامة والشئون المالية في المادة رقم 3 منه على أنه: يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بداية السنة المالية، ومن ثم يحيل المجلس التشريعي المشروع إلى لجنة الموازنة والشؤون المالية لدراسته وإبداء الرأي فيه تفصيلياً وترفع توصياتها بشأنه إلى المجلس، ثم يعقد المجلس التشريعي جلسة خاصة لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة على ضوء تقرير اللجنة وتوصياتها فيقر المشروع بالتعديلات قبل بدء السنة المالية الجديدة أو يعيده إلى مجلس الوزراء في مدة أقصاها شهر من تاريخ تقديمها إليه مصحوباً بملاحظات المجلس التشريعي لإجراء التعديلات المطلوبة وإعادته إلى المجلس التشريعي خلال مدة أقصاها أسبوعان من تاريخ الإحالة لإقرارها.
أن الدور الرقابي للمجلس التشريعي يعكس مستوى تطبيق معايير الحكم الرشيد ومدى تحقق مبدأ سيادة القانون وهذا الأمر غير متوفر حالياً بسبب استمرار الانقسام وتعطيل المجلس التشريعي عن القيام بدوره، إن الحاصل الآن في الأراضي الفلسطينية هو تفرد السلطة التنفيذية بإصدار التشريعات والقوانين المختلفة في مخالفة واضحة لنصوص القانون الأساسي، وهذا اعتداء صريح على صلاحيات السلطة التشريعية ومساس خطير بمبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون.
إن استمرار الرئيس باغتصاب سلطة المجلس التشريعي في إقرار الموازنة العامة يعني وبشكل واضح ترسيخ الفساد السياسي الذي يؤدي إلى تراجع الحالة الوطنية بشكل عام، وتراجع مستوى معايير الحكم الرشيد في مؤسسات الدولة بشكل خاص، وليس أدل على ذلك من انتشار الرشوة والمحسوبية والمحاباة واستمرار تهميش قطاع غزة وحرمان مواطنيه من ابسط حقوقهم في الوظيفة العامة والعيش الكريم مساواة بأهلنا في الضفة الغربية.
إن تمكين المجلس التشريعي لا يعني تغليب فئة على أخرى وليس بالضرورة استنهاض لمشروع على حساب غيره، ولكنه تغليب لسيادة القانون وتحقيق لمبدأ الفصل بين السلطات، وتفعيل لدور المجلس التشريعي في الرقابة على الأداء الإداري والمالي لمؤسسات السلطة المختلفة، وبهذا نكون أمام دولة مؤسسات والتي ينظم العلاقات بين مؤسساتها المختلفة الدستور وتحكمها القوانين وتسود فيها المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والفئوية.
