جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات

القيادة الغائبة

القيادة الغائبة
طباعة تكبير الخط تصغير الخط

حينما ننظر للماضي وننغمس في الحاضر ونستشرف المستقبل فإننا نرى أن الشعب الفلسطيني لم يكن له قيادة مستقلة بالتعريف الصحيح لمعنى استقلالية القرار، وبالنظر إلى الماضي لا نجد إلا أحمد الشقيري أول رئيس لمنظمة التحرير، الذي كان يسعى لأن يكون قرار الفلسطيني بيده لا بيد الحكام والملوك العرب الذي تصادم معهم واضطر إلى تقديم استقالته بعد أن طالبوه اخوانه في المنظمة بذلك، وقدم استقالته للشعب الفلسطيني، ليستلم قيادة المنظمة حمودة، وبدأنا بعد ذلك بالانحدار القيادي الذي أدى إلى تغيير الميثاق والهدف الذي تأسست لأجله منظمة التحرير، مما أدى إلى ضياع الارض والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في فلسطين، وقامت دولة (اسرائيل) من لا شيء وحققت الكثير من أهدافها على حسابنا لأنها كان لها قيادة واضحة الاستراتيجية والأهداف وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين (الاسرائيليين) إلا أنهم حينما تحدث حرب نجدهم متماسكين، كأن "بسم الله الرحمن الرحيم (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) صدق الله العظيم"، نزلت إليهم وليس لنا نحن المسلمين.

وبتأمل الحاضر، لماذا لا يكون لنا إعلام موحد فلسطيني مستقل يعمل على توعية الناس ونشر الأخبار بموضوعية نستطيع الوثوق به؟ ما يعيب قادتنا الحاليين أن لكل حزب قناة خاصة به تنشر ما تريد لتعظيم حزبها على حساب الحزب الأخر وإن كانوا ينقلون في بعض الأحيان الواقع المر الذي نعيشه إلا أنهم يهتمون ببيتهم الخاص ونسوا أن هناك بيت كبير يجمعهم يحتاجون إلى أن يرمموه ويبنوه معاً إعلامياً وثقافياً وسياسياً وغير ذلك، إن ما يحدث من تجاذبات على الصعيد السياسي جعل المواطن يفقد الثقة بالقادة الموجودين، وذلك لحجم التناقضات الكبير في أفعالهم وكلامهم وعدم وضوح رؤيتهم، وعلى الرغم من أنهم يعرفوا حجم الخطر الكبير الذي حل بغزة من حروب وفقر وبطالة ويأس ودمار وما يحدث في الضفة من التغلغل بسلب الأراضي بفعل الاستيطان والحواجز (الاسرائيلية) التي تنغص على الناس حياتهم، إلا أنهم لا يُلقون بالً بما يحدث، لأنهم مشغولون في مناكفتهم السياسة لبعضهم البعض, وإن من الأشياء المُضحكة المُبكية أن نرى على شريط العاجل أنه تم فتح بوابة رفح لسفر ومغادرة المسافرين، في حين أن هكذا خبر لو كان لنا قيادة موحدة يهمها عدم معاناة الشعب أن لا تسمح أن يكون هدفنا انتظار خبر فتح بوابة المعبر.

وباستشراف المستقبل نجد أن العالم أجمع يعمل على صناعة قائد لخلافة أبو مازن ليفرضه على الشعب، كأن الشعب كله يريد هذا القائد، ولا شك أن هذا القائد يعمل بتنظيم ولديه استراتيجية واضحة المعالم بالنسبة له ولكن ليس للشعب، لدرجة أنه يمكن أن نسأل أي شخص يعيش في الضفة أو غزة، هل لديك فكرة من سيكون خليفة أبو مازن؟ فسيكون الجواب بكل تأكيد نعم، على الرغم من معارضة الكثير ورضا الكثير من الناس، فالرجل له علاقات كبيرة وأموال كثيرة ودعم لا يمكن أن نعرف حدوده.

ما يتمناه الكثير من الشباب الذين ضاع من عمرهم عشرة سنوات هباءً منثورا أن يكون هناك قائد يستطيع أن يوحد أحزابنا ويخرجهم من حزبيتهم العقيمة التي أودت بنا إلى الهاوية، التي فيها تفكيرنا تركز على الطعام والشراب والكهرباء والمعابر، ما يريده الشعب أن يأتي إلينا قائد يعمل على وضع استراتيجية واضحة المعالم لتحقيق هدف محدد لنستطيع محاربة البطالة والاستيطان وتحرير الأسرى وعودة اللاجئين وصولاً لتحرير فلسطين لنصلي جميعاً في القدس إن شاء الله.