مركز غزة للدراسات و الاستراتيجيات
تاريخ النشر : 2016-03-02
امنيات الشعب الفلسطيني بحكم رشيد .
امنيات الشعب الفلسطيني بحكم رشيد .

بسم الله الرحمن الرحيم

مقال بعنوان / امنيات الشعب الفلسطيني بحكم رشيد .

الكاتب / الباحث -  م .أحمد محمد زقوت

لقد شهدت فلسطين اول انتخابات تشارك فيها التيارات الاسلامية وتصعد الي السلطة  عبر انتخابات حرة ونزيه وشهد لها العالم كله علي ذلك وكان ذلك تطبيقا لحكم صحيح وراشد وهذا يرتبط مفهوم الحكم الرشيد وعناصره إلى حد كبير بمفهوم الديمقراطية والحفاظ علي حقوق الإنسان والتنمية والأمن وسيادة القانون ,كون أن أي مجتمع ديمقراطي يكون قائم على احترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والمحاسبة والشفافية وسيادة القانون وفصل السلطات الثلاثة التنفيذية والقضائية والتشريعية ،ودورية الانتخابات والتداول السلمي للسلطة والمشاركة والتعددية السياسية في الانتخابات المنعقدة واحترام كل منها الاخر،والحكم الرشيد كما عرفه برنامج إدارة الحكم في الوطن العربي فهو : إدارة الحكم التي تعزز وتدعم وتصون رفاه الإنسان وحرياته السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وهو قائم على مبادئ الإنصاف والعدالة والمشاركة والشفافية والمسائلة ،وتتم ممارسته بواسطة مجموعة من المؤسسات التي تمثل الشعب تمثلاً كاملا , وتهدف إلى تحقيق التقدم والتنمية من خلال تركيز الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،يضمن إشراك الفئات الأشد فقراً وضعفاً في عملية صنع القرار للحفاظ علي النسيج الاجتماعي للدولة ،إن تحقيق الحكم الرشيد وصنع ادارة حكم رشيدة يتطلب تعاون كل فئات ومؤسسات الدولة من خلال المؤسسات الحكومة التابعة لها وبين منظمات المجتمع المدني , كي تقوم بدورها والمهام الموكل لها, للوصول إلى الغاية المرجوة بتحقيق الحكم الرشيد, من خلال تبادل المعلومات والتقارير والمقترحات والمشاريع والخبرات ووضع استراتيجية للدولة لحماية المجتمع ونسيجه الداخلي ،ويهدف الحُكم الرشيد إلى تعزيز وترسيخ مبدأ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وقبول الآخر والتوافق بين المكونات السياسية والاجتماعية واحترام الحريات العامة واحترام حرية التعبير والرأي ومحاربة الفوضى والفساد والمحسوبية والوساطة وعدم التمييز والإقصاء وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة شرائح المجتمع , كما يهدف الحُكم الرشيد إلى تحقيق مصالح الشعب والعمل على تطوير المجتمع ورقيه ,ويهدف ايضاً إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي , والحفاظ على فاعلية النظام السياسي وقدرته على التعامل مع كافة المتغيرات والتحديات التي قد تتعرض لها بيئة عمل النظام السياسي سواء داخلياً أو خارجياً , وأنها توفير حلقات تواصل بين الحاكم والشعب وفق القانون الفاصل بينهما.

هل يمكن اعتبار الحُكم في فلسطين حُكماً رشيداً ويستند الي قواعد وشروط الحكم الرشيد ؟

هل ما حصل بعد الانتخابات الفلسطينية الاخر حققت قواعد الحكم الرشيد وتداول السلطة سلميا وتقبل كل منا الاخر؟

اعتقد منذ اللحظة الأولى الذي رفضت فيها حركة فتح تقبل حركة حماس بعد فوزها بأغلبية المجلس التشريعي ومنحها تشكيل الحكومة العاشرة ، ورفضها المشاركة في الحكومة دارت العجلة الي الاتجاه الخاطئ والسير للانقسام الفلسطينيين ومن هنا سقطت كل القيم والمعايير الذي نتحدث عنها في منظور الحكم الرشيد والإدارة الرشيدة بشكل عام , فقد أوجد الانقسام حكومتين في الضفة الغربية تتبع للرئيس محمود عباس ولحركة فتح والأخرى في قطاع غزة تتبع لحركة حماس , وبعد سنوات عجاف من الانقسام الفلسطيني ومعاناة قطاع غزة والتجارب الذي مر بها من الحصار و الحروب المتواصلة كل عامين و،بعد جهود حثيثة وحوارات ومبادرات وتدخلات عربية تم الاتفاق علي تشكيل حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بعد اتفاق الشاطئ الاخير بين حركة فتح وحركة حماس ,مهمتها الرئيسية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتجاوز وحل الخلافات والآثار الناجمة عن الانقسام التأثيرات الدولية والإقليمية التي أضرت بالمصلحة الفلسطينية وقضيته ,والبدء في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي , وإعادة الشرعية لكافة المؤسسات الفلسطينية وعودة كافة العاملين الذين استنكفوا عن العمل بعد الانقسام المؤلم ودمج الموظفين الحاليين وحل قضيتهم بقرار حكيم وعادل ،إن غياب القيادة الرشيدة والحكيمة ساهمت بشكل كبير في توفير بيئة وأرضية خصبة لحدوث واستمرار الانقسام وتجذره وعدم التوافق وتغليب المصلحة الوطنية علي المصلحة الحزبية , كما أن غياب تلك الأسس والمعايير أثرت حريته المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية , كما زاد من حالات تهميش الكفاءات والخبرات والعقول والطاقات البشرية , مما زادت من حالات الفقر والبطالة وانتشار الجريمة , وتفاقم المشاكل الحياتية , وخلق جو من الاحتقان وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي , كما شكل غياب الحُكم الرشيد القدرة على التوصل لرؤية استراتيجية توافقية وفق اسس وطنية واجتماعية حتى اصبح اشعب الفلسطيني بحالة عدم ثقة بين طرفي الانقسام حركتي (فتح وحماس) من جهة , وحركة حماس وحكومة الوفاق من جهة أخرى وأصبح كلا منهما لا يثق بالأخر ,وغياب الدور المؤثر للفصائل الفلسطينية من جهة أخري , أعاقت كل المساعي المبذولة لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة الذي ينتظرها الشعب منذ سنوات , لم ينجر أي من ملفات المصالحة حتى اللحظة , ولم تُحل مشاكل قطاع غزة ولا حتى اعمارها بعد الحرب الاخير عام 2014 الي جزء يسير منها تم ترميم 1000 منزل من اصل 27583 منزل مدمر كليا , وذلك بسبب عدم جدية الطرفين وعدم صدق النوايا , وعدم قبول الأفكار والحلول والمقترحات التي تُطرح  علي الطرفين من أجل تضييق الفجوة للتقدم خطوة الي الامام في طريق المصالحة و الاستمرار في حالة التراشق السياسي والإعلامي وتبادل الاتهامات , وغياب المسؤولية الحقيقية , وعدم الإحساس بمعاناة الشعب المتفاقمة في ظل استمرار الحصار وإغلاق معبر رفح وإدراك المخاطر التي تحيط  بالقضية الفلسطينية ، إن إتمام المصالحة حلم كل فلسطيني و السير في الاتجاه الصحيح و السليم للتحقيق رؤية استراتيجية واضحة ،ان انهاء الانقسام هو مطلب وطني وشعبي يتطلب من جميع الاطراف المتخاصمة السعي جاهداً لإنهائه ونجاح المصالحة وتقديم تنازلات لمصلحة الوطن والحفاظ علي لحمة شعبنا المجاهد ,كما أن تطبيق الحُكم الرشيد لابد من السير خطوة للامام في المصالحة لأنها مصلحة وطنية تؤسس لنظام حُكم ديمقراطي يتقبل كل منا الاخر يؤمن بالمشاركة والتعددية السياسية ويتم الاتفاق علي الحفاظ على دورية الانتخابات والتداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة والمساواة بين كافة شرائح المجتمع دون تمييز وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وإشراكها في عملية صنع القرار والاهتمام بمشاريع التنمية والتطوير وتقديم الخدمات وتوفير فرص العمل للمواطنين من أجل توفير الحياة كريمة ومحاربة الفساد والمحسوبية و تعزيز مبدأ الشفافية والرقابة والعدالة وسيادة القانون ،ونتمني من الجميع ان تكون هذه المصالحة  نقطة تحول نحو بناء للدولة الفلسطينية تكون ديمقراطية مؤسسة علي تبادل السلطة سلميا ، ان الحكم الرشيد لابد ان يفعل ويتم تطبيقه لحماية المجتمع والدولة , وتجنيبها أي كوارث قد تحدث في المستقبل او حروب ، ولتوفير حياه كريمة للمواطنين وتنمية القطاع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ويكون مجتمعنا مجتمع متحد دينيا واجتماعيا والتصدي لأي مخطط يسعى لإنهاء القضية الفلسطينية ومحاربة كل الاطراف الذي تهدف الي ذلك ، اذا يجب علينا جميعا ان نسعى جاهدين كي نحقق امنيات هذا الشعب المجاهد لإنهاء الانقسام وتبني خيار المقاومة لتحرير الارض وحماية كافة اطياف الشعب وتقبل كل منا الاخر حتى يرفع علم فلسطين علي كل شبرا فيها ويكون هناك حكم رشيد وإدارة رشيدة قادرة علي النهوض والارتقاء في هذا الشعب بقدر تضحياته .